استفسار المعاملات

رقم الكتاب

بن كود

الصناعة في العصر الحالي


إذا ما ألقينا نظرة على تأريخ نشوء و إستمرار الصناعة فأنه يتبين لنا أن بعض الصناعات أصبحت سببا في تطور الحياة الإنشائية و تطور البلدان و في نفس الوقت أصبحت سببا في تغيير الجانب الأقتصادي للبلدان.بعض من الصناعات تطورت و تغيرت من الأجداد إلى الأبناء أو من جيل إلى جيل و هذا كان سببا في توفير المستلزمات و الإحتياجات لحياة المواطنين في أي منطقة أو مدينة.

دولة العراق و إقليم كوردستان كانت جزءا في تطوير القطاع الصناعي , من بعد سنة 1950 البعض من الأعمال اليدوية تطورت إلى مصانع و معامل و وضعت منتجات أكثر في السوق, هذه التغييرات أصبحت سببا في رفع الجانب الإقتصادي و مليء إحتياجات حياة المواطنين.

مدينة السليمانية كانت واحدة من المدن التي في بدايات تأسيسها إهتمت بالصناعات و الجانب الصناعي و حاولت جاهدة الإعتماد على الإنتاج المحلي . البابانيون كانوا في المقدمة في مجال التطور المدني و الإقتصادي و الصناعي في سبيل سد إحتياجات سكان المنطقة.

بمساعدة المسؤولين الأكراد في ذلك الوقت تم بناء عدة مصانع و معامل في مدن و قرى كوردستان لسد الإحتياجات المحلية للمواطنين و في بعض الأحيان كانت تصدر إلى الدول المجاورة.

مدينة السليمانية و أطرافها كانت سباقة في هذه الناحية و كان لهم أهمية كبيرة من ناحية تأسيس المعامل و المنتجات الزراعية و تربية الحيوانات , يعود السبب في هذا إلى إستراتيجية الموقع الجغرافي المناسب لمدينة السليمانية و أطرافها.

بصورة عامة في العصر الحديث هناك عدة مهن و حرف في مدينة السليمانية أصبحت محط إهتمام حيث بنيت عدة مصانع مختلفة بهدف تطوير الجانب الصناعي فيها , منها:

أولا: مهنة الطحان: تأريخ البناء و العمل في هذه المطاحن يعود إلى سنوات ما بعد 1950 و يأتي إسمه من الطحن أي بمعنى الطحن + الماء (تعمل بقوة المياه) . الطاحونة آلة كبيرة تستخدم لطحن الحبوب كالقمح أو الشعير لتحولها إلى مسحوق ناعم و قد تعمل بالطاقة اليدوية أو الكهربائية أو الرياح أو المياه.

كان يتم العمل فيها في أغلب الأوقات على حافة الأنهار أو كانت موضوعة داخل برك المياه أو الينابيع حيث تتحرك بقوة المياه.بسبب أن مناطق السليمانية كانت مناطق جبلية و لديها أنهار و ينابيع قوية لذلك كانت مناطق مؤهلة جدآ لوضع هذه الطاحونات فيها حيث أدى هذا إلى إيصال الفائدة إلى كافة سكان منطقة السليمانية لطحن حبوبهم و تأهيل منتجاتهم الزراعية.

الشكل النموذجي للطاحونات المائية يكون بتوصيل المياه من النهر أو قناة من السد أو بركة إلى دولاب ضمن أنبوب أو قناة , قوة الماء تدفع مجذاف الدولاب او التربين لطحن الحبوب.

بعض من الأكراد أصحاب المهنة المذكورة كان لهم دور كبير في بناء و تنصيب هذه الطاحونات و في نفس الوقت أتاحت فرص عمل كثيرة للذين يحترفون هذه المهنة لأجل كسب قوتهم اليومي من هذه المهنة و في نفس الوقت و بعد هذه الطاحونات تم صنع نوع آخر من ألات طحن الحبوب مثل: الطاحونة المتكونة من حجرين ضخمين مستديرين يوضعان فوق بعضهما و في الحجر العلوي منها ثقب و يتم تثبيت الحجر السفلي و تدوير الحجر العلوي و وضع الحبوب في ثقب الحجر ليتم طحنها بين الحجرين.

و هذا النوع من الطاحونة الحجرية كانت تستعمل أكثر لطحن القمح ليصبح برغل أو الجريش أو العدس المستعمل في البيوت.

ثانيا: آلة (جؤني): أداة أخرى من الأدوات المستعملة لطحن القمح و الحنطة و بالأخص الحنطة المسلوقة و يتكون من حجرين موضوعين فوق بعض و يتم وضع الحنطة فيها حيث تطحن بالتدريج..كان يستعمل هذه الأداة في البيوت أكثر.

بعد تطور العلم و التكنولوجيا, تغيرت الطاحونات المائية بطاحونة أخرى (بمعنى أجهزة أخرى) كانت تستعمل داخل المدن.

في البداية كانت تستعمل هذه الأجهزة داخل المدن و لكن بعد فترة أخرى تم إستعمالها أيضا داخل القرى و الأرياف حيث كانت تستعمل من خلال الطاقة الكهربائية و كانت ذات قابلية إنتاجية أكثر بالأخص الحنطة عندما كانت تطحن لتصبح طحينا و أيضا لطحن الحبوب الضرورية لإطعام الحيوانات مثل الشعير و الباقلاء و الحبوب المتنوعة الأخرى.

معمل السجائر في السليمانية :

تم وضع الحجر الأساس لمعمل السجائر في السليمانية من قبل وزارة المالية و الإقتصاد في العراق على مساحة قدرها 30,000م2. تم تخصيص مبلغ قدره 5 مليون دينار عراقي بنائها في ذلك الوقت و لكن المبلغ الكلي العام الذي تم صرفه في بناء المصنع كان 1,385,861 مليون و ثلاثة مائة و خمسة و ثمانون الف و ثمانمائة و واحد و ستون دينار عراقي من قبل شركة ألمانية . بعد إكمال بنائها تم وضعها على وزارة الصناعة العراقية / مديرية إدارة المشاريع . هذا المصنع بدأ بالعمل بتأريخ 11-9-1961 مصنع ( السجائر بدون فلتر) بإنتاجية قدرها (3,5) ثلاثة ملايين و 500 ألف سيجارة في وجبة واحدة (أي خلال 8 ساعات عمل) بإسم (سجائر الجمهورية) . بعد فترة من العمل و زيادة خبرة كادر العمل تم رفع إنتاجية العدد اليومي إلى 4 مليون سيجارة في اليوم الواحد.

بجانب مصنع السجائر , كان هناك مصنع (تحضير التبغ و معالجته في السليمانية) , تأسست على مساحة 25000م2 في سنة 1957 و الذي بدأت في البداية بتنظيف التبغ و تحضيره و معالجته , بعد ذلك في سنة 1956 تم إحضار جهاز التبغ إلى المصنع.

في سنة 1969 تم البدء بإنتاج نوعين من السجائر ذات الفلتر بإسم (غازي و صلاح الدين) و لكن بنسبة معينة. بعد سنة 1970 تأسست عدة مصانع أخرى مماثلة لمصنع السجائر في السليمانية في كل من مدن السليمانية و حلبجة و كوية . هذه المصانع كانت تعالج التبغ و تأخذها إلى مصنع السجائر في السليمانية . في سنة 1975 تم دمج هذه المصانع بصورة كلية و أصبحت مديرية واحدة بإسم (مصانع السجائر و التبغ في السليمانية). في سنة 1976 أحضرت عدة ألات جديدة إلى المصنع لزيادة إنتاجية المصنع و تصديرها إلى الدول المجاورة لذلك في سنة 1977 تم البدء بإنتاج نوع أخر من السجائر الفلترية بأسماء (سومر و بغداد) بقدر 14 مليون سيجارة خلال مناوبة عمل في اليوم الواحد و لكن في سنة 1980 تم إيقاف إنتاج سيجارة الجمهورية.

مصنع تحميض التبغ في السليمانية:

كان هذا المصنع يعتبر من أكبر المصانع في المنطقة , بدأ العمل ببناء هذا المصنع في سنة 1983 و أكتملت في سنة 1988 بكلفة قدرها 14 مليون دينار عراقي. بعد إكتمال هذا المصنع المتكون من 14 فرع لتحميض التبغ , خلال السنة كان يتم تحميض 11 ألف طن من التبغ.

عدد الموظفين في كافة المصانع التابعة لمصنع السجائر في السليمانية (2451) موظف بدرجات وظيفية و رواتب مختلفة. المصانع التي كانت تابعة لمصنع السجائر في السليمانية كانت هذه المصانع (مصنع التبغ القديم , مصنع التبغ الجديد, مصنع تبغ حلبجة. مصنع تبغ كوية, مصنع تحميض التبغ).

أنواع السجائر الذي أنتجت على مدار عمل مصنع السجائر في السليمانية لحد الإنتفاضة في سنة 1991 كانت (السجائر بدون فلتر , سجائر الجمهورية بدون فلتر , سجائر 14 تموز , سجائر علاء الدين الورقي ئات الفلتر, سجائر علاء الدين الكارتوني ذات الفلتر, سجائر بغداد الكارتوني ذات الفلتر, سجائر بغداد ورقي ذات الفلتر, السجائر الغازية ذات الفلتر, سجائر الجمهورية ذات الفلتر, سجائر الجمهورية بدون فلتر, سجائر سومر).

بعد إنتفاضة الشعب الكوردي سنة 1991 بدأ العمل في مصنع السجائر و تغيرت فيها بعض الكوادر لذلك قل إنتاجها و كانت تنتج فيها نوع واحد من السجائر بإسم سجائر (سومر).

سجائر (سان) كان أول سيجارة كوردية صنعت في ظل الحكومة الكوردية بعد الإنتفاضة الشعبية في سنة 1991 , إستمرت في شهور 12,11,10 سنة 2001 حتى سنة 2003 و بعد ذلك توقف إنتاج هذا النوع من السيجارة. بسبب إستمرار الإنتاج الخارجي بصورة تدريجية قلت الأهمية بمصانع معالجة و تحميض التبغ و مصنع السيجارة في السليمانية.

في تأريخ 12-1-2004 توقف العنل فيها بصورة كاملة و حتى أن إسمها تغير إلى (مصنع معالجة و تحميض التبغ في السليمانية) و الموظفين و العاملين فيها بعضهم توزعوا على دوائر الدولة الأخرى.

مصنع مافور السليمانية:

تم بناء مصنع مافور السليمانية بإشراف وزارة الصناعة في العراق. الهدف من بناء هذا المصنع ضمن حدود محافظة السليمانية هو لزيادة الأهمية في رفع مستوى الصناعة و الإقتصاد في المدينة و أطرافها .من خلال بناء هذا المصنع و كافة المصانع الأخرى في السليمانية دخلت المدينة في مرحلة أخرى من التطور و أدى هذا إلى توفير فرص عمل أكثر للمئات من الراغبين في المجالات الأخرى.

مصنع مافور السليمانية في البداية بدأت العمل بصورة بسيطة بسبب قلة الأجهزة فيها و لكن بسبب الطلب الكثير على منتجاتها تم زيادة طرق العمل و الأجهزة فيها و توظيف كوادر أكثر فيها . مصنع المافور لها علاقة قوية بصناعة النسيج و السجاد.

مع بناء و تأسيس مصنع مافور السليمانية قامت الحكومة العراقية أنذاك بتأسيس عدة مصانع صغيرة لغسل الصوف في المناطق التي كانت توجد فيها المياه بوفرة بالأخص على حافة البحيرة الصغيرة و بحيرة سيروان بإسم مصنع (غسل الصوف) في أقضية (دربنديخان, پشدر، ناحية طق طق).

سنويا مع مجيء فصل الصيف و قطع صوف الأغنام و الأبقار و المواعز كانت الحكومة تشتري أصواف و أشعار الحيوانات حيث كانت تغسل في معامل الغسل و تنظف بطريقة جيدة بعد ذلك كانت ترسل بنظافة و طريقة إعداد جيدة إلى مصنع المافور و الغزل و الحياكة , في هذه المغاسل تم توظيف عدد كبير من الموظفين لهذا تم زيادة فرص العمل في المناطق التي كانت توجد فيها هذه المصانع.بعد وصول هذه المنتجات الخامة إلى المصانع كانت تبدأ العمل بحياكتها و إرسالها بعد ذلك إلى المصبغة , بعد ذلك كان يختار لون و صورة محددة لكي ترسم على السجادة.

كانت أكثرية العاملين في مصنع مافور السليمانية نساء لأن قابلية و جمالية عمل المرأة في هذه المهنة أكثر من الرجال. في البداية عدد الموظفين و العاملين في المصنع و كافة المغاسل كان (127) موظف و لكن بسبب زيادة إنتاجية المصنع و أيضا الطلب على منتجاته إرتفع العدد إلى الضعف و تدريجيا تنوعت منتجات المصنع و تم إنتاج صور الجدران و نقوش و جمالية البيوت زادت.

الخياطة:

مهنة الخياطة كانت مهنة أخرى من المهن التي كان يمارسها رجال و نساء في مدينة السليمانية . تأريخ إكتشاف هذه المهنة بطريقة بدائية يعود إلى 4 ملايين سنة قبل الأن لأن مرحلة بعد الأخرى يحتاج الإنسان أكثر إلى ملابس للحماية و التغطية.

في كوردستان و بسبب إحضار عدة أنواع مختلفة من القماش من الدول المجاورة من قبل التجار إلى مدينة السليمانية تم صنع عدة أنواع من الملابس و لكن هذه التجارة كانت قليلة لذلك تم الإعتماد أكثر على المنتجات المحلية من الصوف و الشعر و الكتان . أمثلة على هذا الملابس الكوردية للرجال و الزي الكوردي النسائي بكافة قطعه.

فن و مهنة الخياطة كان يقوم بها الأشخاص الخبيرين الذين بدئوا العمل بالبداية في بيوتهم و تدريجيا أصبح لهم محلاتهم الخاصة بالخياطة في كافة الفروع و الأسواق . تعتبر هذه المهنة مهنة مهمة و في بعض الأحيان يتعلمها الأبناء من الأباء و هذا أدى إلى أن عدد من العوائل كانوا مشهورين بعائلة الخياط. هؤلاء بسبب شغفهم بالمهنة و أفكارهم الجديدة عملوا تغييرا في طريقتهم لخياطة الملابس. بعد ذلك تم إعطاء المهنة إهتماما أكثر إلى أن وصل إلى تأسيس معمل خياطة الملابس بهدف إنتاجية أكثر و تصدير الملابس إلى خارج البلاد و بالأخص إلى الدول المجاورة و بفتح هذا العمل تم توفير فرص عمل أكثر في السليمانية.

معمل الأسمنت في السليمانية

الأسمنت له أهمية كبيرة و ضرورية للبناء و العقارات و توسيع و تطور المدن و القرى . قبل الإنتفاضة الشعبية الكوردية في سنة 1991 كان يستعمل الإسمنت أكثر في بناء العمارات و الدوائرالحكومية و المصانع و بناء المنازل للأغنياء فقط لأن قلة إنتاجية الأسمنت و قلة مصانعها و كلفتها الكثيرة كانت حائلا أمام الكثير من الناس لبناء منازلهم بالأسمنت و هذا كان سببا في أن المواطنين الأكراد كانوا يستعملون الحجر و الطابوق و الطين لبناء منازلهم.

معمل إسمنت سرچنار كانت المعمل الوحيد في مدينة السليمانية إستطاعت سد إحتياجات و متطلبات المواطنين و الحكومة التي حصلت على المادة الخامة فيها من أحجار جبال كوردستان.

عندما تم إيجاد هذه الأحجار التي فيها مواد لاصقة و تم كسرها , تم نقل هذه الأحجار إلى معمل إسمنت سرچنار و بأجهزة خاصة تم تكسيرها إلى أحجار صغيرة.

بعد ذلك و بمرور الأحجار بعدة أجهزة أخرى من الحرق و التصفية ينتج عنها الأسمنت حيث كانت تستعمل أكثر لبناء الدوائر الحكومية و المنازل الحكومية. ببناء هذا المعمل في مدينة السليمانية كانت له أهمية كبيرة عصرية من عدة نواحي:

أولا: من ناحية فرص العمل تم توظيف أكثر من 150 شخص في المعمل.

ثانيا: من الناحية الإقتصادية : لبناء المصانع و المعامل و العمارات الأخرى في مدينة السليمانية و أطرافها.

ثالثا: من الناحية المهنية : أشخاص كثيرون تعلموا كيفية صنع الأسمنت و الأعمال التقنية فيها.

رابعا: من الناحية التجارية : من خلال إرسال منتجاته إلى وسط و جنوب العراق و في بعض الأحيان إلى خارج البلد.

خامسا: كان عاملا مساعدا في التطور و التقدم من الناحية الحضارية.

مركز السليمانية و الأقضية و النواحي التابعة لها و بسبب موقعها الجغرافي كانت عاملا مساعدا لتأسيس المعامل و تطور الناحية الإقتصادية فيها لذلك و منذ القدم الصناعة في السليمانية تعتبر مسألة مهمة و يتم العمل عليها بصورة مستمرة.

بعد زيادة متطلبات العراق للأسمنت , في نهاية السبعينات تم القرار على بناء معمل أخر في منطقة طاسلوجة حيث تم بناؤها خلال عدة سنوات و أصبحت واحدة من المعامل المشهورة في الشرق الأوسط حيث كانت تنتج يوميا ألاف الطن من الأسمنت يوميا و بهذا وضعت المهن البنائية في السليمانية و كافة العراق في مرحلة جديدة . معمل إسمنت طاسلوجة لحد الأن تعتبر واحدة من المعامل المهمة على مستوى كوردستان و العراق حيث ينتج أنواع مهمة من الأسمنت .

 

تجميع المعلومات : قسم الأعلام و شعبة الموقع الألكتروني لمحافظة السليمانية

إعداد: ئاراس خاكي

الصور من الأرشيف: ڕەنجدەر بهاءالدین

الأشراف العام: صالح رحمان

جميع الحقوق محفوظة


مزيد من الأخبار